هل لاحظتَ يومًا أننا أصبحنا نسير في الشوارع وكأننا أطيافٌ بشرية؟ عيونٌ مُعلَّقة بالشاشات، أرواحٌ منهكة تحت وطأة الإشعارات، وقلوبٌ تائهة بين فيضٍ من البكسلات واللايكات. لقد حوَّلنا الإنترنت ووسائل التواصل حياتنا إلى سباقٍ محموم، نلهث فيه وراء كل ما يلمع، حتى فقدنا أعز ما نملك: **اتصالنا بأنفسنا، وبربنا
الجسد يشبع.. والروح تتضوَّر جوعًا!
نحرص على تغذية أجسادنا بالماء والطعام، ننتقي الأكل الصحي، ونتتبع السعرات الحرارية، لكننا ننسى أن للروح مائدةٌ خاصة. غذاؤها ليس "الواي فاي" السريع، بل هو اللجوء إلى الله في الصلاة، والأنس بذكره، والفضفضة معه في الدعاء حين نقضي ساعاتٍ نتصفح "الستوريز" بينما تُهمل صلاتنا، أو نُسابق لإنهاء العمل على اللاب توب دون أن نرفع أيدينا بالدعاء، كمن يسقي شجرةً بيدٍ ويقطع جذورها بالأخرى!
لم نعد نُدرك الخطر حتى طال أطفالنا!
الأمر لم يعد مجرد إلهاءٍ عابر. لقد صرنا نورِّث الإدمان الرقمي لأبنائنا فترى الطفل ذا الأعوام الخمسة يُمسك التابلت ببراعة، لكنه لا يعرف كيف يطلب حاجةً من ربه! نشتكي من غرابة أشكالنا كمجتمعٍ منعزل، لكننا ننسى أن الحل يبدأ بإيقاف الهروب من الذات. هل سنسمح لشاشةٍ باردة أن تُربّي أطفالنا، أم سنعود لنغرس فيهم بذور الإيمان، والتفكير الهادئ، والطموح المتزن؟
وقفةٌ مع النفس: كيف نُعيد التوازن؟
1. حدّد ساعات الصمت ساعة يوميًا أو اكثر دون إنترنت. اقرأ قرآنًا، فكِّر، احتضن طفلك.
2. حوِّل الشاشات إلى جسورٍ للخير استخدم السوشيال ميديا لتذكير الآخرين بالله، أو مشاركة علمٍ نافع.
3. علِّم روحك الطيران مجددًا ابدأ يومك بصلاة الفجر ولو دقيقتين من الدعاء. ستجد أن الوقت يتسع!
4. كن قدوةً لمن حولك حين يراك أبناؤك ترفع كتاب الله بدل الهاتف، سيتعلمون أن القيمة الحقيقية فوق السحاب
الروح أمانة.. فلا تتركها تتضوَّر
العالم الافتراضي لن يغادر حياتنا، لكننا لن نسمح له بأن يسرق أعمارنا وأرواحنا تذكر دائمًا: الأرض التي تسير عليها من طين، والروح التي بين جنبيك نفخةٌ من نور الله. فلا تُهينها بالانحناء للشاشات. ارفع رأسك، وانظر إلى السماء. ادعُ، شارك، اعمل، لكن لا تنسَ أن **أولى خطوات النجاح الحقيقي تبدأ بـ "يا رب"
اليوم.. وغدًا.. وبعد ألف عام، تظل الحقيقة واحدة مهما بلغت التكنولوجيا، لن تملأ فراغ الروح. فهل نُحييها قبل أن يطالها الصدأ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق